كتاب المباحية الشرعية (نظرات في الحرمان العاطفي والشقاء الجنسي)
مشكلتي الرئيسة أنني أنثى وحيدة، في غابة من الذكور، أسمع صراخ رجولتهم، وأشمّ رائحتها كل لحظة، وهي تعبّر عن ذاتها كلّ حينٍ بتباهٍ واستعراض، وأحياناً بكثير من الفخر، وتسجيل البطولات «الذكورية»، أما أنا، وحدي أنا، فمطالبة بالاعتذار عن كل لفتةٍ أو كلمةٍ أو تنهيدةٍ؛ لكوني أنثى، عليّ أن أداري جسدي، وألفّه بما يكفي لإخفاء معالمه كلها حتّى وأنا داخل البيت، إن نسيت وضحكت بصوتٍ عالٍ، قيل لي: عيب أنت بنت! وإن مرَّ بشاشة التلفزيون مشهد تعبيريّ، فيه شيء من الإنسانية الدافئة، قالوا لي بصوت واحد: قومي اعملي لنا شاياً، حتى أمّي، التي يُفترض أنها الأنثى الثانية في البيت من حيث التصنيف الفسيولوجيّ، منحازة لذكوريّتها الدفينة، ولا أجدها في صفّي أبداً، بل هي على الدوام تشاركهم معزوفة: عيب، أنت بنت! أما والدي، فأكاد أسمع نبضه الدفاعيّ أحياناً، لكنه لا يجرؤ على ضمّي إلى صدره بحجة أنني لست ذكراً، وسأكون منصفة وأعترف، فقد خصّني بدفق كبير من الحنان، أشعر أنه الأقرب مني، كان يضعني في حضنه، وأنام أحياناً بينه وبين والدتي. كم كان حنوناً عليَّ وأنا طفلة صغيرة! لكنني حينما كبرت قليلاً تغيّر فجأة، وصار ينظر إليّ وكأنني «امرأة»، فنادراً ما يلثمني أو يحضنني، تمنّيت من أعماقي أن أبقى صغيرة حتى أظلّ في حضنه. لكنني كبرتُ وكبرَتْ ضريبة جسدي الأنثوي، أنا بالنسبة لهم، أعني إخوتي الذكور، مجرّد «عرضهم» أو شرفهم، لا شقيقتهم، وهدفهم الأسمى في الحياة أن يحافظوا على هذا العرض. حلمي الأسمر - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ المباحية الشرعية (نظرات في الحرمان العاطفي والشقاء الجنسي) ❝ الناشرين : ❞ الآن ناشرون وموزعون ❝ ❱ من كتب الثقافة الجنسية - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.
معلومات عن كتاب المباحية الشرعية (نظرات في الحرمان العاطفي والشقاء الجنسي):
شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:
وصف الكتاب : مشكلتي الرئيسة أنني أنثى وحيدة، في غابة من الذكور، أسمع صراخ رجولتهم، وأشمّ رائحتها كل لحظة، وهي تعبّر عن ذاتها كلّ حينٍ بتباهٍ واستعراض، وأحياناً بكثير من الفخر، وتسجيل البطولات «الذكورية»، أما أنا، وحدي أنا، فمطالبة بالاعتذار عن كل لفتةٍ أو كلمةٍ أو تنهيدةٍ؛ لكوني أنثى، عليّ أن أداري جسدي، وألفّه بما يكفي لإخفاء معالمه كلها حتّى وأنا داخل البيت، إن نسيت وضحكت بصوتٍ عالٍ، قيل لي: عيب أنت بنت! وإن مرَّ بشاشة التلفزيون مشهد تعبيريّ، فيه شيء من الإنسانية الدافئة، قالوا لي بصوت واحد: قومي اعملي لنا شاياً، حتى أمّي، التي يُفترض أنها الأنثى الثانية في البيت من حيث التصنيف الفسيولوجيّ، منحازة لذكوريّتها الدفينة، ولا أجدها في صفّي أبداً، بل هي على الدوام تشاركهم معزوفة: عيب، أنت بنت! أما والدي، فأكاد أسمع نبضه الدفاعيّ أحياناً، لكنه لا يجرؤ على ضمّي إلى صدره بحجة أنني لست ذكراً، وسأكون منصفة وأعترف، فقد خصّني بدفق كبير من الحنان، أشعر أنه الأقرب مني، كان يضعني في حضنه، وأنام أحياناً بينه وبين والدتي. كم كان حنوناً عليَّ وأنا طفلة صغيرة! لكنني حينما كبرت قليلاً تغيّر فجأة، وصار ينظر إليّ وكأنني «امرأة»، فنادراً ما يلثمني أو يحضنني، تمنّيت من أعماقي أن أبقى صغيرة حتى أظلّ في حضنه. لكنني كبرتُ وكبرَتْ ضريبة جسدي الأنثوي، أنا بالنسبة لهم، أعني إخوتي الذكور، مجرّد «عرضهم» أو شرفهم، لا شقيقتهم، وهدفهم الأسمى في الحياة أن يحافظوا على هذا العرض. للكاتب/المؤلف : حلمي الأسمر . دار النشر : الآن ناشرون وموزعون . سنة النشر : 2019م / 1440هـ . عدد مرات التحميل : 1904 مرّة / مرات. تم اضافته في : السبت , 10 ديسمبر 2022م.
تعليقات ومناقشات حول الكتاب:
ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:
مهلاً ! قبل تحميل الكتاب .. يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf يمكن تحميلة من هنا 'تحميل البرنامج'
نوع الكتاب : . اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني و يمكنك تحميله من هنا:
عفواً.. تم ازالة الكتاب تلبية لرغبة الناشر بعدم نشر هذا الكتاب ،، يمكنكم شراؤه من دار النشر